القرارات الفقاعية.. خلع الباب وإذاعة السلام الوطني أنموذجاً
- المجموعة: مقالات
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 27 أيار 2019 21:19
- تاريخ النشر
- كتب بواسطة: مدير الموقع
- الزيارات: 841
القرارات الفقاعية.. خلع الباب وإذاعة السلام الوطني أنموذجاً
القرارات الفقاعية.. خلع الباب وإذاعة السلام الوطني أنموذجاً
يفاجئُك كل فترة بعضُ المسئولين في منظماتنا العربية بقرارات يمكن وصفها بـ "القرارات الفقاعية"، حيث تتميز هذه النوعية من القرارات بكونها تتخذ دون دراسة ومراجعة جديّة، فمع مرور الأيام يتضح أنها كانت قرارات متسرعة وخاطئة، وغير قابلة للتطبيق، وأنها كانت أقرب إلى الفرقعات الاعلامية والاستهلاك التسويقي والدعائي، بل وأحيانا اللعب بعواطف الجمهور و"الضحك على ذقونهم".
أبدأ بهذه المقدمة بعد قراءتي بتعجب خبراً مفاده أن عميدَ إحدى الكليات الجامعية في بلد عربي قرر خلع بابِ مكتبه إيماناً منه بسياسة الباب المفتوح، ورغبةً منه في تطبيقها، بحيث يظل بابُ مكتبه مفتوحاً "للرعية" في كليته ليتمكنوا من الدخول عليه بشكواهم في أي وقت!!، كما أذكر في هذا السياق الهزلي ما وجهت به وزيرة الصحة في بلد عربي آخر من إذاعة السلام الجمهوري في المستشفيات لتعزيز روح الانتماء والولاء لدى أطباء وممرضي المستشفيات!!.
والظاهر للوهلة الأولى في مثل هذه القرارات والممارسات أنها تحمل في طياتها الكثير من حسن النوايا وصدق الدوافع، غير أن حسن النوايا ليس مبرراً لارتكاب الأخطاء والعبث بالقرار الإداري. وإذا كان بعض المسئولين في المنظمات العربية ليسوا من أهل الخبرة والعلم بالإدارة – وما أكثرهم- فهذا لا يعفيهم من ضرورة استشارة ذوي الاختصاص، ومشاركة موظفيهم الأكفاء الرأي عند نيتهم اتخاذ القرارات ومعالجة المشكلات وتطوير النظم.
ما سبق كان حافراً لأدوّن ملاحظاتي على هذين القرارين كنموذجين للقرارات الفقاعية، في محاولة لتسليط الضوء بشكل أعمق من وجهة نظر إدارية، كونهما تناولا موضوعين مهمين في علم الإدارة هما: سياسة الباب المفتوح، والانتماء والولاء التنظيمي.
خلع الإجراءات المعرقلة بدلاً عن خلع الباب
تعد سياسة الباب المفتوح في الإدارة تطبيقا عملياً لما دعت إليه نظرية مشاركة العاملين Theory of Worker Participation من تشجيع الموظفين على التفاعل والتواصل المفتوح وفتح الحوارات والمناقشات حول المسائل ذات الأهمية والمشكلات التي تواجه العمل واقتراحات تطويره، فيصبح لهم تأثير مباشر في بيئة العمل، من خلال الاتصال مع الرؤساء لإيصال الأفكار الخلاقة والمبتكرة، والنتيجة هي الرؤية المشتركة، والاحترام المتبادل، والثقة التنظيمية.
وتظهر أهمية هذه السياسة في معالجة الخرس التنظيمي التي تعاني منه المنظمات، حيث يميل الموظفون في الغالب إلى اختيار الصمت والتراجع عن مشاركة آرائهم ومعلوماتهم التي قد تكون مفيدة للمنظمة خشية أن يتعرضوا لمشكلات وظيفية من رؤسائهم المباشرين أو زملائهم فيفضلون الانكفاء والصمت (الصمت التنظيمي).
غير أن هناك من يري أن الإفراط في اتابع سياسة الباب المفتوح قد يكون لها عواقب سلبية تبرز في إبطاء الفعالية الإنتاجية في المنظمات، فاستخدام هذا الامتياز بشكل مفرط وغير مشروط قد يستنزف وقت القادة والمديرين في النقاشات والحوارات غير المفيدة على حساب تنفيذ ومتابعة المهام المجدولة.
كما أن تقديس هذه السياسة قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ترسيخ تبعية المرؤوسين للقادة والمديرين، والاعتماد عليهم بشكل كبير في العمل وعدم اكتساب المرؤوسين خبرات حل المشكلات بمفردهم ، بل ودفع القادة والمديرين إلى استمراء واعتياد حب السيطرة والتدخل في كل تفاصيل العمل، كل ذلك يقوض من مبدأ تفويض الصلاحيات للمرؤوسين ومنحهم الاستقلالية، ويعيق تفريخ وإعداد قادة مستقبليين قادرين على اتخاذ القرارات الصائبة ومعالجة المشكلات.
إن الموقف الصائب - في اعتقادي- هو في ترك الباب موارباً، لا هو مغلق أو مفتوح، مع ضرورة ترشيد استخدام هذه السياسة من خلال الالتزام بعدد من الممارسات والآليات التي قد تكون مفيدة في هذا الجانب، ومنها:
• العمل على إبقاء الباب مفتوحًا لمقابلة المرؤوسين فقط في أوقات محدودة ومحددة مسبقًا، كأن يحدد يوم معين في الأسبوع أو الشهر.
• العمل على عقد اجتماعات أسبوعية وشهرية وربع سنوية مع قيادات وموظفي الصفوف العليا والوسطى والإشرافية، والاستماع إلى أرائهم حول مختلف القضايا والمشكلات.
• رفع التقارير بصفة دورية وكل ما لزم الأمر عن سير العمل ومشكلاته ومقترحات التطوير.
• معرفة الآراء عن طريق صناديق الاقتراحات والشكاوى ويحبذ استخدام هذه الطريقة عندما يرغب الموظف في عدم الكشف عن هويته.
• استخدام خدمة البريد الصوتي للمنظمة أو خط الاتصال الساخن.
• اعتماد التواصل الإليكتروني (مثل البريد الإليكتروني E- mail) أو أي وسائل إليكترونية أخرى يمكن أن توفرها المنظمة.
يجب أن يعلم القادة والمديرون أنهم في المقام الأول جاءوا ليرسوا أنظمة مؤسسية كفؤة وفاعلة قادرة على إدارة العمليات والوظائف والإجراءات في المنظمة بشكل تلقائي ونظامي– دون خلع باب أو كسر نافذة - بحيث تكون هذه الأنظمة والسياسيات المتبعة هي الأصل والثابت في كل ظرف وزمان ومهما تبدل المرؤوسون والرؤساء.
يتبع..
تعليقات
- لاتعليقات حتى اللحظة
كلمات ملهمة
بودكاست إدارة بوست
المتواجدون حالياً
93 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
شارك بتعليق - رأيك بالمقال