عزيزي الموظف.. أيقظ القِطّ الذي بداخلك

عزيزي الموظف.. أيقظ القِطّ الذي بداخلك

 

لا يتردد أبدًا في طرح الأسئلة واستجلاء الغامض في شئون العمل وخفاياه.. كانت هذه سجية الموظف "عارف القِطّ" في العمل، حيث يصفه مديره بقط العمل الفضولي والنشط، في دلالة على شغفه بحب الاستطلاع والاستكشاف كما تفعل القطط في العادة. غير أن البعض كان يرى أنه مثير للإزعاج، ويُكثر من اللت والثرثرة في التفاصيل!! ولعل فيما يرونه شيئًا من الصواب!

عزيزي الموظف.. أيقظ القِطّ الذي بداخلك

 

لا يتردد أبدًا في طرح الأسئلة واستجلاء الغامض في شئون العمل وخفاياه.. كانت هذه سجية الموظف "عارف القِطّ" في العمل، حيث يصفه مديره بقط العمل الفضولي والنشط، في دلالة على شغفه بحب الاستطلاع والاستكشاف كما تفعل القطط في العادة. غير أن البعض كان يرى أنه مثير للإزعاج، ويُكثر من اللت والثرثرة في التفاصيل!! ولعل فيما يرونه شيئًا من الصواب!

 

يؤمن مدير "عارف القِطّ" بما قاله ألبرت أينشتاين عن نفسه: "ليس لدي مواهب خاصة. أنا فقط فضولي".. فهذا الفضول الإيجابي في التعلم والمعرفة هو ما تحتاجه منظمات الأعمال اليوم لتكون قادرة على النمو والبقاء على الدوام في ظل انفجار معرفي وبيئات أعمال متقلبة ومتغيرة تتطلب استجابة سريعة ونوعية، وهذه الاستجابة لا يمكن أن تكون إلا من خلال أفراد شغوفين بحب الاستطلاع وفضول المعرفة والتعلم، لذا فمن واجب كل قائد إيقاظ القط الفضولي الذي بداخل موظفيه.

تتميز القطط بأنها فضولية جدًا بطبعها، وهو ما يجعلها ذكية وواعية بالمكان الذي تعيش فيه والأخطار المحدقة بها، ويساعدها ذلك في البحث عن الطعام والمأوى الآمن. ويتشابه الإنسان مع القطط بهذه السمة -غريزيًا- حيث يعد الفضول قوة دافعة لسد الفجوة الإدراكية والمعرفية لديه، وتوجيه سلوكياته نحو تقصي المعرفة والتعلم المستمر والتجريب واكتساب المهارات والخبرات. إنه يستجيب لحاجة إنسانية أساسية وهي الحاجة للتعلم والتطور.

في بيئة العمل يؤكد الباحثون والخبراء الممارسون ضرورة بناء ثقافة مؤسسية ترتكز على الفضول كقيمة مركزية وأساسية تُزرع في الأفراد سلوكًا وممارسة، ويُعمل على توفير متطلباتها، لما لها من أهمية ومردود إيجابي على رضا الموظف وروحه المعنوية وفي المحصلة على إدائه وإنتاجيته. ففضول الموظف يعكس شعوره بالحرمان أو العطش المعرفي، وسعيه الدائم والمثابر للحصول على المعلومات المستحدثة أو المنقوصة في مهامه وطبيعة أعماله، وتبديد الغموض في المواقف والمجالات المتعلقة بالعمل أو المثيرة للاستطلاع.

 تبرز فوائد "السلوك القططي الفضولي" للأفراد - قادة ومرؤوسين- في أنه يقود المنظمات إلى تنامي حالة الإبداع والابتكار وتحسين آلية اتخاذ القرار؛ حيث يغذي الفضول التفكير الإبداعي والتفكير النقدي المثير للتساؤلات والباحث عن كل جديد وبديل. كما أنه يزيد من القدرة على إدارة عمليات التكيف في مواجهة حالات عدم اليقين التي تتسم به بيئات الأعمال في وقتنا الحالي والقدرة على التعامل مع المعطيات المستجدة على الدوام. ولا شك أنه يسهم في تطوير الأداءات ورفع مستوى الجودة من خلال معرفة طبيعة المهام ونطاقات ومعايير العمل وتفاصيلها المهمة والدقيقة، وعلى وجه الخصوص يطور من أداء الأفراد المستجدين في بداية مسارهم المهني، حيث يعد عاملًا مهما في نمو منحى تعلمهم المهني وتحسين مخرجاتهم.

وعلى الرغم من الجانب المشرق للفضول في العمل إلا أن له جانبه المظلم أو فلنقل الجانب السيئ. حيث يقود الإفراط في الفضول دون ضوابط إلى نتائج سلبية وسلوكيات مضادة للإنتاجية، بل قد يصل الأمر إلى ممارسة سلوكيات منحرفة. فقد يكون سببًا في استنزاف وتضييع الوقت؛ حين يركز الفرد على الحصول المعلومات والمعرفة دون الاهتمام بتطبيق هذه المعرفة وتحويلها إلى برامج عمل. أو حين يصاب الموظف بهوس الفضول (الفضول المَرَضي)، فيثير الأسئلة والاستفسارات التشكيكية أو الاتهامية ويسمم بذلك جو العمل.

وقد يتمادى الأمر إلى ممارسة سلوكيات هدامة أو محفوفة بالمخاطر، ومن ذلك التجسس والتلصص، وإرسال الرسائل المزعجة للزملاء والمديرين، أو طرح الأسئلة التي ليس لها علاقة بالعمل أو تتعارض مع سياساته، أو البحث عن المعرفة عن طريق قنوات اتصال غير مناسبة، أو إساءة استخدام المعلومات وانتهاك القواعد المؤسسية سواء بطريقة عمدية أو غير عمدية. كما أن الإفراط في اشباع الفضول قد يؤدي إلى التباطؤ في اتخاذ القرارات في الحالات قد تحتاج إلى سرعة وحسم في القرار.  بل وأحيانًا إلى اتخاذ قرارات وفقًا للميول الفضولية دون مراعاة المعايير المنطقية والقانونية في ذلك. وغيرها من السلوكيات والممارسات السلبية.

أخيرًا، يتوجب على قادة المنظمات تشجيع وإثارة الفضول كقيمة مؤسسية ونشر ثقافتها في أوساط الأفراد، عبر تصميم أنظمة عمل تتوافر فيها مصادر التعلم والمعرفة المناسبة. والعمل على بناء قنوات اتصال وتواصل فعالة لمشاركة وتبادل البيانات والمعلومات والأفكار عن العمل وأنشطته وبرامجه ومهامه. بحيث تلبي للقط الكامن في كل فرد إشباع فضوله المعرفي وفق سياسات موجه، تضمن أيضا - لهذا القط- ألا يتمادى في فضوله حد العبث.

 

مراجع:

Hsee, C. K., & Ruan, B. (2016). The Pandora effect: The power and peril of curiosity. Psychological science, 27(5), 659-666.
Law, E., Yin, M., Goh, J., Chen, K., Terry, M. A., & Gajos, K. Z. (2016, May). Curiosity killed the cat, but makes crowdwork better. In Proceedings of the 2016 CHI Conference on Human Factors in Computing Systems (pp. 4098-4110).
Lievens, F., Harrison, S., Mussel, P., & Litman, J. (2021). Killing the cat? A review of curiosity at work. Academy of Management Annals, (ja).

 

شارك بتعليق - رأيك بالمقال

0
Extension Restriction Allowed file extensions: bmp, csv, doc, gif, ico, jpg, jpeg, odg, odp, ods, odt, pdf, png, ppt, rar, txt, xcf, xls, zip 0 / 3
شروط وخصوصية الموقع.
  • لاتعليقات حتى اللحظة

شهادات منوعة



إذاعـيـات

كلمات ملهمة

من ألبوم التدريب



المتواجدون حالياً

8 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

كـلـمـات

في رحلة حياتك ثلاثة أصدقاء لا يمكنك الاستغناء عنهم: 
الوعي والإيمان والحب، أهمهم هو الحب.. احذر أن تفارقه لحظةً واحدة.

Scroll to top